قرآن تبيان- جزء 14 - حزب 27 - سوره حجر - صفحه 262


شروع جزء 14و حزب 27


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ الر تِلْکَ آیَاتُ الْکِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِینٍ
1 - (تلك ) إشارة إلي ما تضمنته السورة من الايات . والكتاب ، والقرآن المبين : السورة . وتنكير القرآن للتفخيم . والمعني : تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتابا وأي قرآن مبين ، كأنه قيل : الكتاب الجامع للكمال والغرابة في البيان .
رُّبَمَا یَوَدُّ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْ کَانُوا مُسْلِمِینَ
2 - قري ء : ربما ، وربتما بالتشديد . وربما ، وربما : بالضم والفتح مع التخفيف . فإن قلت : لم دخلت علي المضارع وقد أبوا دخولها إلا علي الماضي ؟ قلت : لان المترقب في إخبار الله تعالي بمنزلة الماضي المقطوع به في تحققه ، فكأنه قيل : ربما ورد . فإن قلت : متي تكون ودادتهم ؟ قلت : عند الموت ، أو يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين . وقيل : إذا رأوا المسلمين يخرجون من النار ، وهذا أيضا باب من الودادة . فإن قلت : فما معني التقليل ؟ قلت : هو وارد علي مذهب العرب في قولهم : لعلك ستندم علي فعلك ، وربما ندم الانسان علي مافعل ، ولايشكون في تندمه ، ولايقصدون تقليله ، ولكنهم أرادوا : لو كان الندم مشكوكا فيه أو كان قليلا لحق عليك أن لاتفعل هذا الفعل ، لان العقلاء يتحرزون من التعرض للغم المظنون ، كما يتحرزون من المتيقن ومن القليل منه ، كما من الكثير ، وكذلك المعني في الاية : لو كانوا يودون الاسلام مرة واحدة ، فبالحري أن يسارعا إليه ، فكيف وهم يودونه في كل ساعة (لو كانوا مسلمين ) حكاية ودادتهم ، وإنما جي ء بها علي لفظ الغيبة لانهم مخبر عنهم ، كقولك : حلف بالله ليفعلن . ولو قيل : حلف بالله لافعلن ، ولوكنا مسلمين ، لكان حسنا سديدا . وقيل : تدهشهم أهوال ذلك اليوم فيبقون مبهوتين ، فإن حانت منهم إفاقة في بعض الاوقات من سكرتهم تمنوا ، فلذلك قال .
ذَرْهُمْ یَأْکُلُوا وَیَتَمَتَّعُوا وَیُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ یَعْلَمُونَ
3 - (ذرهم ) يعني اقطع طمعك من ارعوائهم ، ودعهم عن النهي عما هم عليه والصد عنه بالتذكرة والنصيحة ، وخلهم (يأكلوا ويتمتعوا) بدنياهم وتنفيذ شهواتهم ، ويشغلهم أملهم وتوقعهم لطول الاعمار واستقامة الاحوال ، وأن لايلقوا في العاقبة إلا خيرا (فسوف يعلمون ) سوء صنيعهم . والغرض الايذان بأنهم من أهل الخذلان ، وأنهم لايجي ء منهم إلا ما هم فيه ، وأنه لازاجر لهم ولا واعظ إلا معاينة ماينذرون به حين لاينفعهم الوعظ ، ولاسبيل إلي اتعاظهم قبل ذلك ، فأمر رسوله بأن يخليهم وشأنهم ولايشتغل بما لاطائل تحته ، وأن يبالغ في تخليتهم حتي يأمرهم بما لايزيدهم إلا ندما في العاقبة . وفيه إلزام للحجة ومبالغة في الانذار وإعذار فيه . وفيه تنبيه علي أن إيثار التلذذ والتنعم وما يؤدي إليه طول الامل . وهذه هجيري أكثر الناس ليس من أخلاق المؤمنين . وعن بعضهم : التمرغ في الدنيا من أخلاق الهالكين .
وَمَا أَهْلَکْنَا مِن قَرْیَةٍ إِلَّا وَلَهَا کِتَابٌ مَّعْلُومٌ
4 - (ولها كتاب ) جملة واقعة صفة لقرية ، والقياس أن لايتوسط الواو بينهما كما في قوله تعالي (وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرين ) وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ، كما يقال في الحال : جاءني زيد عليه ثوب ، وجاءني وعليه ثوب . كتاب (معلوم ) مكتوب معلوم ، وهو أجلها الذي كتب في اللوح وبين .
مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا یَسْتَأْخِرُونَ
5 - ألا تري إلي قوله (ماتسبق من أمة أجلها) في موضع كتابها ، وأنث الامة أولا ثم ذكرها آخرا ، حملا علي اللفظ والمعني : وقال (وما يستأخرون ) بحذف "عنه " لانه معلوم .
وَقَالُوا یَا أَیُّهَا الَّذِی نُزِّلَ عَلَیْهِ الذِّکْرُ إِنَّکَ لَمَجْنُونٌ
6 - قرأ الاعمش : يا أيها الذي ألقي عليه الذكر ، وكأن هذا النداء منهم علي وجه الاستهزاء ، كما قال فرعون (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ) وكيف يقرون بنزول الذكر عليه وينسبونه إلي الجنون . والتعكيس في كلامهم للاستهزاء والتهكم مذهب واسع . وقد جاء في كتاب الله في مواضع ، منها (فبشرهم بعذاب أليم ) ، (إنك لانت الحليم الرشيد) وقد يوجد كثيرا في كلام العجم ، والمعني : إنك لتقول قول المجانين حين تدعي أن الله نزل عليك الذكر .
لَّوْ مَا تَأْتِینَا بِالْمَلَائِکَةِ إِن کُنتَ مِنَ الصَّادِقِینَ
7 - "لو" ركبت مع "لا" و"ما" لمعنيين : معني امتناع الشي ء لوجود غيره ، ومعني التحضيض ، وأما "هل " فلم تركب إلا مع "لا" وحدها للتحضيض : قال ابن مقبل : لوما الحياء ولوما الدين عبتكما ببعض مافيكما إذ عبتما عوري والمعني : هلا تأتينا بالملائكة يشهدون بصدقك ويعضدونك علي إنذارك ، كقوله تعالي (لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا) أو : هلا تأتينا بالملائكة للعقاب علي تكذيبنا لك إن كنت صادقا كما كانت تأتي الامم المكذبة برسلها ؟ .
مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِکَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا کَانُوا إِذًا مُّنظَرِینَ
8 - قري ء : تنزل ، بمعني تتنزل وتنزل علي البناء للمفعول من نزل ، ونزل الملائكة : بالنون ونصب الملائكة (إلا بالحق ) إلا تنزلا ملتبسا بالحكمة والمصلحة ، ولا حكمة في أن تأتيكم عيانا تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النبي صلي الله عليه وسلم ، لانكم حينئذ مصدقون عن اضطرار . ومثله قوله تعالي (وما خلقنا السموات والارض وما بينهما إلا بالحق ) وقيل : الحق الوحي أو العذاب . و(إذا) جواب وجزاء ، لانه جواب لهم وجزاء لشرط مقدر تقديره : ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين وما أخر عذابهم .
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ
9 - (إنا نحن نزلنا الذكر) رد لانكارهم واستهزائهم في قولهم (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) ولذلك قال : إنا نحن ، فأكد عليهم أنه هو المنزل علي القطع والبتات ، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلي محمد صلي الله عليه وسلم وبين يديه ومن خلفه رصد ، حتي نزل وبلغ محفوظا من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبديل ، بخلاف الكتب المتقدمة ، فإنه لم يتول حفظها . وإنما استحفظها الربانيين والاحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف ولم يكل القرآن إلي غير حفظه . فإن قلت : فحين كان قوله (إنا نحن نزلنا الذكر) ردا لانكارهم واستهزائهم ، فكيف اتصل به قوله (وإنا له لحافظون ) ؟ قلت : قدجعل ذلك دليلا علي أنه منزل من عنده آية ، لانه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق علي كل كلام سواه . وقيل : الضمير في (له ) لرسول الله صلي الله عليه وسلم كقوله تعالي (والله يعصمك ) .
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِکَ فِی شِیَعِ الْأَوَّلِینَ
10 - (في شيع الاولين ) في فرقهم وطوائفهم . والشيعة : الفرقة إذا اتفقوا علي مذهب وطريقة . ومعني أرسلناه فيهم : نبأناه فيهم وجعلناه رسولا فيما بينهم .
وَمَا یَأْتِیهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا کَانُوا بِهِ یَسْتَهْزِئُونَ
11 - (وما يأتيهم ) حكاية حال ماضية ، لان "ما" لاتدخل علي مضارع إلا وهو في معني الحال ، ولاعلي ماض إلا وهو قريب من الحال .
کَذَلِکَ نَسْلُکُهُ فِی قُلُوبِ الْمُجْرِمِینَ
12 - يقال : سلكت الخيط في الابرة ، وأسلكته إذا أدخلته فيها ونظمته . وقري ء : نسلكه ، للذكر ، أي : مثل ذلك السلك ، ونحوه : نسلك الذكر في (قلوب المجرمين ) علي معني أنه يلقيه في قلوبهم مكذبا مستهزءا به غير مقبول ، كمالو أنزلت بلئيم حاجة فلم يجبك إليها فقلت : كذلك أنزلها باللئام ، تعني مثل هذا الانزال أنزلها بهم مردودة غير مقضية .
لَا یُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِینَ
13 - ومحل قوله (لايؤمنون به ) النصب علي الحال ، أي غير مؤمن به . أو هو بيان لقوله (كذلك نسلكه ) . (سنة الاولين ) طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم وبالذكر المنزل عليهم ، وهو وعيد لاهل مكة علي تكذيبهم .
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَیْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِیهِ یَعْرُجُونَ
14 - قري ء (يعرجون ) بالضم والكسر .
لَقَالُوا إِنَّمَا سُکِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ
15 - و (سكرت ) حيرت أو حبست من الابصار ، من السكر أو السكر . وقري ء : سكرت بالتخفيف أي حبست كما يحبس النهر من الجري . وقري ء : سكرت من السكر ، أي حارت كما يحار السكران . والمعني أن هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم في العناد : أن لو فتح لهم باب من أبواب السماء ، ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها ، ورأوا من العيان ما رأوا ، لقالوا : هو شي ء نتخايله لاحقيقة له ، ولقالوا قد سحرنا محمد بذلك . وقيل : الضمير للملائكة ، أي : لو أريناهم الملائكة يصعدون في السماء عيانا لقالوا ذلك . وذكر الظلول ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون . وقال : إنما ، ليدل علي أنهم يبتون القول بأن ذلك ليس إلا تسكيرا للابصار .

صفحه : 262
بزرگتر  کوچکتر  بدون ترجمه  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
قرآن  عثمان طه با کیفیت بالا صفحه 262
تصویر  انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 


1 - (تلك ) إشارة إلي ما تضمنته السورة من الايات . والكتاب ، والقرآن المبين : السورة . وتنكير القرآن للتفخيم . والمعني : تلك آيات الكتاب الكامل في كونه كتابا وأي قرآن مبين ، كأنه قيل : الكتاب الجامع للكمال والغرابة في البيان .

2 - قري ء : ربما ، وربتما بالتشديد . وربما ، وربما : بالضم والفتح مع التخفيف . فإن قلت : لم دخلت علي المضارع وقد أبوا دخولها إلا علي الماضي ؟ قلت : لان المترقب في إخبار الله تعالي بمنزلة الماضي المقطوع به في تحققه ، فكأنه قيل : ربما ورد . فإن قلت : متي تكون ودادتهم ؟ قلت : عند الموت ، أو يوم القيامة إذا عاينوا حالهم وحال المسلمين . وقيل : إذا رأوا المسلمين يخرجون من النار ، وهذا أيضا باب من الودادة . فإن قلت : فما معني التقليل ؟ قلت : هو وارد علي مذهب العرب في قولهم : لعلك ستندم علي فعلك ، وربما ندم الانسان علي مافعل ، ولايشكون في تندمه ، ولايقصدون تقليله ، ولكنهم أرادوا : لو كان الندم مشكوكا فيه أو كان قليلا لحق عليك أن لاتفعل هذا الفعل ، لان العقلاء يتحرزون من التعرض للغم المظنون ، كما يتحرزون من المتيقن ومن القليل منه ، كما من الكثير ، وكذلك المعني في الاية : لو كانوا يودون الاسلام مرة واحدة ، فبالحري أن يسارعا إليه ، فكيف وهم يودونه في كل ساعة (لو كانوا مسلمين ) حكاية ودادتهم ، وإنما جي ء بها علي لفظ الغيبة لانهم مخبر عنهم ، كقولك : حلف بالله ليفعلن . ولو قيل : حلف بالله لافعلن ، ولوكنا مسلمين ، لكان حسنا سديدا . وقيل : تدهشهم أهوال ذلك اليوم فيبقون مبهوتين ، فإن حانت منهم إفاقة في بعض الاوقات من سكرتهم تمنوا ، فلذلك قال .

3 - (ذرهم ) يعني اقطع طمعك من ارعوائهم ، ودعهم عن النهي عما هم عليه والصد عنه بالتذكرة والنصيحة ، وخلهم (يأكلوا ويتمتعوا) بدنياهم وتنفيذ شهواتهم ، ويشغلهم أملهم وتوقعهم لطول الاعمار واستقامة الاحوال ، وأن لايلقوا في العاقبة إلا خيرا (فسوف يعلمون ) سوء صنيعهم . والغرض الايذان بأنهم من أهل الخذلان ، وأنهم لايجي ء منهم إلا ما هم فيه ، وأنه لازاجر لهم ولا واعظ إلا معاينة ماينذرون به حين لاينفعهم الوعظ ، ولاسبيل إلي اتعاظهم قبل ذلك ، فأمر رسوله بأن يخليهم وشأنهم ولايشتغل بما لاطائل تحته ، وأن يبالغ في تخليتهم حتي يأمرهم بما لايزيدهم إلا ندما في العاقبة . وفيه إلزام للحجة ومبالغة في الانذار وإعذار فيه . وفيه تنبيه علي أن إيثار التلذذ والتنعم وما يؤدي إليه طول الامل . وهذه هجيري أكثر الناس ليس من أخلاق المؤمنين . وعن بعضهم : التمرغ في الدنيا من أخلاق الهالكين .

4 - (ولها كتاب ) جملة واقعة صفة لقرية ، والقياس أن لايتوسط الواو بينهما كما في قوله تعالي (وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرين ) وإنما توسطت لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ، كما يقال في الحال : جاءني زيد عليه ثوب ، وجاءني وعليه ثوب . كتاب (معلوم ) مكتوب معلوم ، وهو أجلها الذي كتب في اللوح وبين .

5 - ألا تري إلي قوله (ماتسبق من أمة أجلها) في موضع كتابها ، وأنث الامة أولا ثم ذكرها آخرا ، حملا علي اللفظ والمعني : وقال (وما يستأخرون ) بحذف "عنه " لانه معلوم .

6 - قرأ الاعمش : يا أيها الذي ألقي عليه الذكر ، وكأن هذا النداء منهم علي وجه الاستهزاء ، كما قال فرعون (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ) وكيف يقرون بنزول الذكر عليه وينسبونه إلي الجنون . والتعكيس في كلامهم للاستهزاء والتهكم مذهب واسع . وقد جاء في كتاب الله في مواضع ، منها (فبشرهم بعذاب أليم ) ، (إنك لانت الحليم الرشيد) وقد يوجد كثيرا في كلام العجم ، والمعني : إنك لتقول قول المجانين حين تدعي أن الله نزل عليك الذكر .

7 - "لو" ركبت مع "لا" و"ما" لمعنيين : معني امتناع الشي ء لوجود غيره ، ومعني التحضيض ، وأما "هل " فلم تركب إلا مع "لا" وحدها للتحضيض : قال ابن مقبل : لوما الحياء ولوما الدين عبتكما ببعض مافيكما إذ عبتما عوري والمعني : هلا تأتينا بالملائكة يشهدون بصدقك ويعضدونك علي إنذارك ، كقوله تعالي (لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا) أو : هلا تأتينا بالملائكة للعقاب علي تكذيبنا لك إن كنت صادقا كما كانت تأتي الامم المكذبة برسلها ؟ .

8 - قري ء : تنزل ، بمعني تتنزل وتنزل علي البناء للمفعول من نزل ، ونزل الملائكة : بالنون ونصب الملائكة (إلا بالحق ) إلا تنزلا ملتبسا بالحكمة والمصلحة ، ولا حكمة في أن تأتيكم عيانا تشاهدونهم ويشهدون لكم بصدق النبي صلي الله عليه وسلم ، لانكم حينئذ مصدقون عن اضطرار . ومثله قوله تعالي (وما خلقنا السموات والارض وما بينهما إلا بالحق ) وقيل : الحق الوحي أو العذاب . و(إذا) جواب وجزاء ، لانه جواب لهم وجزاء لشرط مقدر تقديره : ولو نزلنا الملائكة ما كانوا منظرين وما أخر عذابهم .

9 - (إنا نحن نزلنا الذكر) رد لانكارهم واستهزائهم في قولهم (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) ولذلك قال : إنا نحن ، فأكد عليهم أنه هو المنزل علي القطع والبتات ، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلي محمد صلي الله عليه وسلم وبين يديه ومن خلفه رصد ، حتي نزل وبلغ محفوظا من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبديل ، بخلاف الكتب المتقدمة ، فإنه لم يتول حفظها . وإنما استحفظها الربانيين والاحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف ولم يكل القرآن إلي غير حفظه . فإن قلت : فحين كان قوله (إنا نحن نزلنا الذكر) ردا لانكارهم واستهزائهم ، فكيف اتصل به قوله (وإنا له لحافظون ) ؟ قلت : قدجعل ذلك دليلا علي أنه منزل من عنده آية ، لانه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق علي كل كلام سواه . وقيل : الضمير في (له ) لرسول الله صلي الله عليه وسلم كقوله تعالي (والله يعصمك ) .

10 - (في شيع الاولين ) في فرقهم وطوائفهم . والشيعة : الفرقة إذا اتفقوا علي مذهب وطريقة . ومعني أرسلناه فيهم : نبأناه فيهم وجعلناه رسولا فيما بينهم .

11 - (وما يأتيهم ) حكاية حال ماضية ، لان "ما" لاتدخل علي مضارع إلا وهو في معني الحال ، ولاعلي ماض إلا وهو قريب من الحال .

12 - يقال : سلكت الخيط في الابرة ، وأسلكته إذا أدخلته فيها ونظمته . وقري ء : نسلكه ، للذكر ، أي : مثل ذلك السلك ، ونحوه : نسلك الذكر في (قلوب المجرمين ) علي معني أنه يلقيه في قلوبهم مكذبا مستهزءا به غير مقبول ، كمالو أنزلت بلئيم حاجة فلم يجبك إليها فقلت : كذلك أنزلها باللئام ، تعني مثل هذا الانزال أنزلها بهم مردودة غير مقضية .

13 - ومحل قوله (لايؤمنون به ) النصب علي الحال ، أي غير مؤمن به . أو هو بيان لقوله (كذلك نسلكه ) . (سنة الاولين ) طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم وبالذكر المنزل عليهم ، وهو وعيد لاهل مكة علي تكذيبهم .

14 - قري ء (يعرجون ) بالضم والكسر .

15 - و (سكرت ) حيرت أو حبست من الابصار ، من السكر أو السكر . وقري ء : سكرت بالتخفيف أي حبست كما يحبس النهر من الجري . وقري ء : سكرت من السكر ، أي حارت كما يحار السكران . والمعني أن هؤلاء المشركين بلغ من غلوهم في العناد : أن لو فتح لهم باب من أبواب السماء ، ويسر لهم معراج يصعدون فيه إليها ، ورأوا من العيان ما رأوا ، لقالوا : هو شي ء نتخايله لاحقيقة له ، ولقالوا قد سحرنا محمد بذلك . وقيل : الضمير للملائكة ، أي : لو أريناهم الملائكة يصعدون في السماء عيانا لقالوا ذلك . وذكر الظلول ليجعل عروجهم بالنهار ليكونوا مستوضحين لما يرون . وقال : إنما ، ليدل علي أنهم يبتون القول بأن ذلك ليس إلا تسكيرا للابصار .

مشخصات :
قرآن تبيان- جزء 14 - حزب 27 - سوره حجر - صفحه 262
قرائت ترتیل سعد الغامدی-آيه اي-باکیفیت(MP3)
بصورت فونتی ، رسم الخط quran-simple-enhanced ، فونت قرآن طه
با اندازه فونت 25px
بصورت تصویری ، قرآن عثمان طه با کیفیت بالا

مشخصات ترجمه یا تفسیر :
تفسیر کشاف

انتخاب  فهرست  جستجو  صفحه بعد  صفحه قبل 
اگر این صفحه عملکرد مناسبی ندارد
از این لینک کمکی استفاده فرمایید .
 
خدمات تلفن همراه
مراجعه: 180,486,517